مفاوضات قسد والحكومة السورية إلى أين؟
تمهيد
تُجري قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والحكومة السورية مفاوضات معقَّدة منذ 10 آذار/ مارس 2025، بشأن مصير مشروع الإدارة الذاتية، وذلك على أرضية الاتفاق الموقَّع بين الرئيس أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي.
عقد الطرفان العديد من جولات التفاوض، ترأس أول جولة من الوفد الحكومي حسين السلامة الذي أصبح بعدها رئيس جهاز الاستخبارات والتقى فيها مظلوم عبدي، ثم تشكّلت لجان مشتركة من كِلا الطرفين في حزيران/ يونيو، وضمت لجنة الوفد الحكومي 6 أشخاص ولجنة وفد قسد 7 أشخاص، حيث عُقدت 3 جولات فقط، وهي حالياً متوقفة، بعدها انتقلت المفاوضات لتكون على مستوى وزارة الخارجية في الحكومة برئاسة أسعد الشيباني ودائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية إلهام أحمد وبدران جيا كرد.
يتضمن اتفاق 10 آذار 8 بنود تسير على أرضيتها المفاوضات بين الطرفين، وهي: وقف إطلاق النار في جميع الأراضي السورية، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين مكونات المجتمع السوري، وضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة السياسية بناءً على الكفاءة، مع تأكيد حقوق المجتمع الكردي كمكوِّن أصيل في الدولة، ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضِمن إدارة الدولة، بما في ذلك المعابر والمطار وحقول النفط والغاز، وضمان عودة المهجرين وحمايتهم، ودعم الدولة في مكافحة فلول الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها.
حاولت قسد كسب الوقت والمماطلة في تحقيق أي تقدُّم فعلي بالمفاوضات، إلى أن وقعت أحداث السويداء منتصف تموز/ يوليو؛ حيث توقّف عمل اللجان المشتركة بسبب مطالبة قسد باستكمال المفاوضات في باريس برعاية فرنسا، وبالتزامن احتضنت مؤتمر وحدة مكونات شمال شرق سوريا في الحسكة في 8 آب/ أغسطس الذي رفعت فيه سقف مطالبها، مما دعا الحكومة لإعلان رفض استكمال المفاوضات في باريس وحصرها في دمشق؛ حيث رأت أن قسد تتجه إلى تدويل قضية مشروع الإدارة الذاتية، واعتبرت المؤتمر "ضربة لجهود التفاوض الجارية، يمثّل تهرّباً من تنفيذ استحقاقات وقف إطلاق النار ودمج المؤسسات، واستمراراً في خرق الاتفاق، وهو في الوقت ذاته غطاء لسياسات التغيير الديمغرافي الممنهج ضد العرب السوريين، تنفذها تيارات كردية متطرفة تتلقى تعليماتها من قنديل".
أولاً: موقف قسد الفعلي من الاندماج في الدولة السورية
دعا البيان الختامي لمؤتمر "وحدة الموقف لمكونات شمال سوريا وشرقها" إلى اعتبار قسد "نواةً ضرورية لبناء جيش وطني سوري جديد"، في تنصُّل واضح من اتفاق 10 آذار/ مارس 2025 الموقَّع مع الحكومة السورية، والذي نص على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز".
من المفترض أن يشمل الدمج المتفق عليه المؤسسات العسكرية والمدنية في شمال شرق سوريا، ويتم حل جميع هذه المؤسسات أولاً، ثم إعادة هيكلتها ودمجها في مؤسسات الدولة، بمسميات الدولة وهيكليتها ووفق أنظمتها وقوانينها، وهو ما تحاول قسد التنصل منه، بحيث تحافظ على بنية أجهزتها العسكرية والأمنية، والاحتفاظ بالمرجعية القيادية لها.
من المطالب الأخرى التي تسعى قسد إلى التنصل منها من تنفيذ اتفاق 10 آذار/ مارس 2025 دعوتها في البيان الختامي للمؤتمر إلى إعادة النظر في الإعلان الدستوري، وكانت تحضر بالتوازي لمؤتمر من أجل إطلاق مسوَّدة للإعلان الدستوري في مناطق الجزيرة، علماً، أنّ الحكومة السورية صرحت أنها ستوكل كتابة الدستور إلى لجنة مختصة عقب تشكيل مجلس الشعب.
أيضاً دعا البيان الختامي للمؤتمر إلى "إعادة النظر في التقسيمات الإدارية الحالية"، أي إعادة ترسيم الحدود الإدارية بين المحافظات والمدن السورية، وإنشاء محافظات ومدن (مقاطعات/ كانتونات) جديدة، في محاولة لتكريس واقع فرضته ظروف الحرب على الكثير من اللاجئين والنازحين الذين اضطُروا إلى مغادرة مناطق سكناهم الأصلية، الأمر الذي سيصبح وسيلة لمنع بعضهم من العودة إلى مناطق شمال شرق سوريا، وهذا تنصُّل مما نصّ عليه اتفاق 10 آذار/ مارس 2025 في "ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، وتأمين حمايتهم من الدولة السورية"، وحين تتم عودة المهجرين فإن الدولة لن يكون لديها أي مانع من إعادة النظر في التقسيمات الإدارية التي وضعها النظام السابق، ووضع تقسيمات جديدة "تعكس الخصوصيات الجغرافية والتاريخية والثقافية للمجتمعات المحلية" كما طالب به البيان، وتلبي مصالح هذه المجتمعات، وتنسجم مع المصالح الوطنية العليا.
بالمحصّلة، وافقت قسد شكلياً على الاندماج في الدولة السورية، لكنها لم تتخذ أي إجراءات فعلية للمضيّ قُدماً في تنفيذ عملية الاندماج، بل ثَمة إصرار للحفاظ على مشروع الإدارة الذاتية وعدم حله والاندماج في مؤسسات الدولة، حيث صرّح صالح مسلم بتاريخ 1 أيلول/ سبتمبر 2025؛ وهو عضو هيئة الرئاسة في "حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحد مؤسسي الإدارة الذاتية بأنّ العلويين والدروز وكل الأقليات الأخرى يؤمنون بما يدعو له الأكراد: "سوريا لامركزية ذات حكم ذاتي محلي".
ثانياً: ما مشروع الإدارة الذاتية في سوريا؟
نشأ مشروع الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بهدف تأسيس مشروع كردي للحكم الذاتي في المنطقة، وكانت بدايته عَبْر تشكيل "الهيئة الكردية العليا" التي أسسها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD) -وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني (PKK)- والمجلس الوطني الكردي، بعدد متساوٍ من الطرفين، بعد التوقيع على اتفاقية أربيل (هولير) في 12 تموز/ يوليو 2012 برعاية رئيس إقليم كردستان العراق في ذلك الوقت الزعيم مسعود بارزاني، وتم تشكيل جناح عسكري للهيئة مكوَّن من وحدات حماية الشعب "YPG" ووحدات حماية المرأة "YPJ" وقوات الشرطة "الأسايش".
يدلّ تاريخ نشأة الهيئة على أن مشروع الإدارة الذاتية لحكم شمال سوريا وشرقها لم يكن بسبب "الاستبعاد السياسي" للكرد من المعارضة السورية التي كانت قد أنهت قبل 9 أيام فقط مؤتمرها في القاهرة (3 تموز/ يوليو 2012) برعاية جامعة الدول العربية، وأصدرت وثيقة "العهد الوطني" ووثيقة "الرؤية السياسية المشتركة لملامح المرحلة الانتقالية" أقرت فيها بوجود قومية كردية ضِمن الدولة السورية، وبهُوِيَّتها، وبحقوقها القومية المشروعة ضِمن إطار وحدة الوطن السوري، وباعتمادها مبدأ "اللامركزية الإدارية" في نظام الحكم المستقبلي للبلاد، وكان قد شارك في هذا المؤتمر العديد من القُوَى والأحزاب السياسية الكردية، لكنها ارتأت أن تؤسس مشروعها الكردي الخاص في شمال شرق سوريا بشكل منفصل بعيداً عن المشروع الوطني العامّ الذي أجمعت عليه المعارضة الوطنية السورية في مؤتمر القاهرة.
تُعَدّ الإدارة الذاتية المشروع الكردي لحزب العمال الكردستاني بقيادة عبد الله أوجلان، وتُمثّل نظير المشروع الكردي الذي أسسه الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة الملا مسعود البرزاني، حيث نجح في إنشاء إقليم خاص شمال العراق والحصول على اعتراف دستوري به، وسار به نحو الاستفتاء على الانفصال عن العراق. بالمثل يُحاول PKK السير نحو إنشاء إقليم مُعترَف به دستورياً في سوريا تمهيداً لحصوله على لحظة يستطيع فيها الانفصال عن سوريا، لا سيما أنّ الحزب فشل في تحقيق ذلك في تركيا بعدما اصطدم بدولة قوية اضطرته أخيراً إلى الاستسلام وإلقاء سلاحه.
استفادت قسد من فرصة وجود الإرهاب والتوجه الدولي لمكافحته وضمان عدم عودته في التسويق لضرورة استمرار وجودها بِبِنْيتها العسكرية والأمنية والسياسية، وبالتالي استمرار مشروع الإدارة الذاتية التي أسسها حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري، فيما تُحاول قسد حالياً ممارسة قُصارَى الضغط على الحكومة السورية الجديدة لتحصيل اعتراف دستوري بحكم الإدارة الذاتية في الدستور الجديد للبلاد.
كانت شراكة قسد مع التحالف الدولي قد بدأت بعد 9 أشهر من الإعلان عن أول ميثاق عَقْد اجتماعي للإدارة الذاتية في كانون الثاني/ يناير 2014 والذي شهد تطوُّرات عديدة مع تطوُّر مناطق انتشار قسد جغرافياً، وقد سمّت نفسها عام 2016 "فدرالية روج آفا-شمال سوريا" ثم في عَقْدها الاجتماعي الأخير عام 2023 "إقليم شمال وشرق سوريا"، والذي حذفت منه بنداً كان ينصّ على أن العقد لا يتطلّع إلى بناء دولة جديدة.
تدعو الإدارة الذاتية عملياً إلى "الكونفدرالية"، وليس إلى الفدرالية أو اللامركزية السياسية، وهي عندما تتحدث عن مبدأ "اللامركزية" تقصد شيئاً أبعد من اللامركزية السياسية.
يتضمن مبدأ "اللامركزية" في أدبيات المشروع الكردي شمال شرق سوريا لامركزيات عديدة، على رأسها اللامركزية العسكرية والأمنية، فقد جعل عقد 2023 الحماية والدفاع الذاتي في الإقليم في 5 أقسام هي:
• جهاز المخابرات الوطني الذي يتبع الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي.
• قوات الأمن الداخلي التي تتبع إدارياً وتنظيمياً هيئة الداخلية.
• قوات حماية المجتمع، ولها قيادة عامة مسؤولة أمام قوات سوريا الديمقراطية.
• وحدات حماية المرأة وتنظم نفسها ضِمن قوات سوريا الديمقراطية.
• قوات سوريا الديمقراطية وهي قوات الدفاع المشروع في الإدارة الذاتية الديمقراطية، مسؤولة أمام مجلس الشعوب الديمقراطي الذي يصادق على قيادتها العامة، ويشرف على فعالياتها هو وهيئة الدفاع، وتنظم نفسها بشكل شِبه مستقلّ ضِمن نظام الكونفدرالية لإقليم شمال سوريا وشرقها.
تحاول الإدارة الذاتية بهذا التقسيم تعزيز انفصال الأجهزة العسكرية والأمنية في شمال شرق سوريا بشكل كامل عن الأجهزة العسكرية والأمنية للدولة السورية، بحيث تستطيع اتخاذ قرار السلم والحرب بعيداً عن قرار الدولة.
تعتمد الإدارة الذاتية أيضاً اللامركزية الدبلوماسية في العلاقات الخارجية، ولديها مجلس يتشكل من ممثلي المؤسسات التي تعمل في المجال الدبلوماسي ضِمن الإدارة، وكذلك الأمر في اللامركزية الاقتصادية حيث لديها مجالس الاقتصاد والزراعة، والتربية والتعليم، والصحة، والأمر ذاته في اللامركزية المالية حيث لديها موازنتها العامة الخاصة بها، ومكتب للنقد والمدفوعات المركزي، إلى جانب اللامركزية التشريعية القانونية حيث لديها دستورها، ولديها قوانين المحاكم الخاصة بها، ولديها المفوضية العليا للانتخابات، ومن المعلوم أيضاً أن لقسد رؤيتها في تقاسُم الثروات العامة مثل النفط والغاز، وهذه اللامركزية في جميع هذه المؤسسات تتحدث عن نظام كونفدرالي كما هو الحال مع المؤسسات العسكرية والأمنية.
هذه المسائل تُبيّن أن حقيقة اللامركزية التي تفاوض عليها قسد ليست الفدرالية، أو الدولة الاتحادية، وإنما الكونفدرالية بمعنى التفاوض بين دولتين لكل منهما سيادة مستقلة وتتوافقان على روابط مشتركة تحت عنوان واحد.
ثالثاً: مستقبل المفاوضات بين المشروع الكردي والحكومة السورية
تتشابك الكثير من المدخلات لتجعل العلاقة بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية أمراً بالغ التعقيد، فمن جهة تدفع طبيعة المشروع الكردي في سوريا ومبادئه التي يقوم عليها وهيكلته التنظيمية إلى تنصُّل الإدارة عن الالتزام بما وقَّع عليه قائد قسد مع الرئيس السوري في آذار/ مارس 2025، ومن جهة أخرى فإن الضغط الدولي لا سيما الأمريكي يعمل على فرض الاستقرار على كامل الخريطة السورية، الأمر الذي لا يتحقق إلا بإدماج القوات الأمنية والعسكرية في مؤسسة وطنية واحدة، فضلاً عن الموقف التركي الداعم لتفكيك المشروع الكردي شمال شرق سوريا وإدماجه في المشروع الوطني السوري، والموقف التركي يمتلك أدوات التأثير الكبرى ميدانياً، كما يمتلك التأثير الواسع على الموقف الأمريكي أيضاً.
تُحاول الإدارة الذاتية الاستقواء بالأزمات الأخرى مثل أحداث السويداء والساحل السوري، لكنها في الوضع الحالي لن تكون قادرة على الاستفادة من أزمة السويداء إذا ما نجحت الوساطة الأمريكية في خلق تفاهمات بين الحكومة السورية وإسرائيل، كما لا يتوقع الدعم الإسرائيلي لمشروع الإدارة الذاتية مستقبلاً، نظراً لتضارُب المصالح شمال شرق سوريا.
بناء على ما سبق، هناك عدة سيناريوهات لمستقبل المفاوضات بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية، أبرزها:
1. استمرار تعثُّر المفاوضات بين الطرفين، مع عدم توقُّفها بشكل نهائي، مع استمرار المناوشات العسكرية بين الطرفين دون الوصول إلى عمليات قتالية واسعة النطاق، واستمرار اعتماد الحكومة السورية على عامل الوقت حيث تستفيد من الضغط الإقليمي والدولي المستمر على قسد، وتفاقُم المشكلات الداخلية شمال شرق سوريا لا سيما مع المكوِّن العشائري العربي، فيما تستمر الحكومة السورية بترتيب بيتها الداخلي واستكمال تشكيل مجلس الشعب وباقي هيئات الدولة ومؤسساتها.
2. نجاح المفاوضات بين الطرفين، وتنفيذ اتفاق 10 آذار/ مارس 2025 قبل نهاية العام، وهو سيناريو يحلّ الأزمة بشكل كامل؛ لكنه مستبعَد لما فيه من مثالية سياسية غير الموجودة في الواقع، حيث توجد تيارات مؤثرة في صنع القرار ترفض الاتفاق من أساسه، وبتأثيرها يتشكّل الموقف الرسمي لقسد الذي يوصف بأنه يماطل في تنفيذ الاتفاق، ويضع شروطاً وتفاصيلَ جديدةً ترفضها الحكومة السورية.
3. فشل المفاوضات بين الطرفين، ووقوع صدام عسكري واسع بينهما قد تشارك فيه القوات التركية وإنْ بشكل غير معلَن، والفزعات العشائرية، وتتخلى فيه قسد عن محافظتَيْ دير الزور والرقة، وجنوب الحسكة، وتتحصن في المنطقة الحدودية عند المثلث السوري العراقي التركي. ربما هذا السيناريو الذي يُنهي الأزمة، لكن التوجُّه الإقليمي والدولي لا يوافق على عودة سوريا إلى الحرب والمواجهات الواسعة، فضلاً عن موقف دمشق الملتزِم بعدم حصول هذا الصدام، وإعطاء الفرصة للتفاوض السياسي لحلّ المشكلة.
خُلاصة
تمانع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على خيار حلّ نفسها أُسوة بجميع الكيانات العسكرية والأمنية الأخرى في سوريا التي قبلت قرار الحلّ، واندمجت بعد ذلك في المؤسسات الحكومة الجديدة، وتماطل في تطبيق اتفاق 10 آذار/ مارس 2025 نتيجة عدم استجابة الحكومة السورية لمطالبها، التي ترى الحكومة أنها قد وفّت بها فعلياً.
يُتوقّع أن تساهم الضغوطات الإقليمية والدولية في استئناف مسار المفاوضات، غير أن استمرار التعطيل قد يدفع إلى وقوع مواجهات أمنية وعسكرية وإنْ كانت محدودة، مما يعني أنّه يكون هناك حلّ قريب للأزمة، خصوصاً أنّ مشروع الإدارة الذاتية نشأ ليجسد المشروع الكردي لحزب العمال الكردستاني الذي يجد فرصته الأخيرة في سوريا بعد أن فشل في تركيا، وهو في طبيعته وأسباب نشأته متأثر بشكل كبير بتجربة شِبه الاستقلال التي نجح فيها مشروع الحزب الديمقراطي الكردستاني شمال العراق، ولذلك ستصرّ الإدارة الذاتية على الحفاظ على مكتسبات تجربتها وأهمها اللامركزيات العديدة، والتي هي في حقيقتها كونفدرالية، وليست فدرالية أو لامركزية سياسية.
أخيراً، لا يُتوقّع أن تذهب الحكومة السورية إلى التسرع في تقديم التنازلات لقسد، بل إلى إتمام ترتيباتها الداخلية من خلال المُضِيّ في تشكيل مجلس الشعب، وإجراء الانتخابات في موعدها في جميع المحافظات؛ باستثناء الحسكة والرقة والسويداء التي أجّلت انتخاباتها حتى إمكانية تحقيق ذلك مباشرة بإشراف الدولة.