لماذا عقدت قسد مؤتمر وحدة موقف المكوِّنات؟
أغسطس 09, 2025 1844

لماذا عقدت قسد مؤتمر وحدة موقف المكوِّنات؟

حجم الخط

بدعوة من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) انعقد في الحسكة بتاريخ 8 آب/ أغسطس 2025 مؤتمر "وحدة الموقف لمكونات شمال سوريا وشرقها" تحت شعار "معاً من أجل تنوُّع يعزز وحدتنا، وشراكة تبني مستقبلنا"، وإضافة إلى حضور ممثلين عن المنطقة فقد استضاف المؤتمر -عن بُعد- حكمت الهجري أحد الرؤساء الروحيين لطائفة الموحِّدين الدروز، وغزال غزال رئيس المجلس الديني في المجلس الإسلامي العلوي.    

صدر عن المؤتمر بيان اعتبر أنّ قسد نواة ضرورية لبناء جيش وطني سوري جديد، وأن نموذج الإدارة الذاتية هو تجربة تشاركية قابلة للتطوير، وطالب بتأسيس دولة لامركزية، وبإعادة النظر في الإعلان الدستوري، وفي التقسيمات الإدارية الحالية، بما ينسجم مع الواقع الديمغرافي والتنمويّ لسوريا، ويعكس الخصوصيات الجغرافية والتاريخية والثقافية للمجتمعات المحلية. كما أكّد البيان على الالتزام بالاتفاق الموقَّع بين الرئيس أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي في 10 آذار/ مارس 2025، وبمخرَجات كونفرانس (وحدة الموقف الكردي)، الذي انعقد في 26 نيسان/ إبريل 2025. ثَمَّة عدة دوافع دعت قسد إلى إقامة مؤتمر وحدة المكوِّنات أبرزها:    

تراجُع حظوظ مشروع حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي في إقامة حكم كردي في منطقة شمال شرق سوريا، وهو ما أجبره للتوجُّه نحو المكونات الأخرى، خصوصاً العشائر العربية التي تُشكِّل الأغلبية السكانية في المنطقة، ويبدو أنه تشكلت قناعة لدى PYD بعد أحداث السويداء أن العشائر العربية لن تقبل بالانضواء تحت حكم كردي، وأن ما حدث في السويداء سيتكرر في الجزيرة السورية فيما لو مضت قسد في مشروعها.    

عدم توفُّر أيّ دعم خارجي، فيما لو ذهبت قسد نحو صدام مسلَّح مع الحكومة السورية كما جرى في الساحل والسويداء، فدعم تل أبيب بعيد المنال، وموسكو في طور فتح صفحة جديدة مع دمشق بعد زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ولقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبوزير خارجيته سيرغي لافروف، وعقد اجتماعات على مستوى وزيرَي الدفاع، ورئيسَي الاستخبارات في البلدين، إضافة إلى فشل قسد في نقل المفاوضات حول الاتفاق إلى باريس، وهي من العواصم الثلاث التي كانت قسد تُعوّل عليها بديلاً عن واشنطن.    

وجود خطّ أحمر أمريكي -ودولي- أمام قسد في أن تتسبَّب بفوضى تؤدي إلى فلتان أمني يسمح بهروب عناصر داعش من السجون، ويعزز من فرص التنظيم في تجميع قواه من جديد، ويتيح له الوصول إلى عشرات الآلاف من أفراد عائلاته المحتجَزين في المخيمات، وواشنطن لديها موقف واحد معلَن في ضرورة تنفيذ اتفاق 10 آذار/ مارس الذي جرى برعايتها.    

جدّية الموقف التركي في عدم السماح بإقامة إقليم كردي على حدودها، ولو اقتضى ذلك تدخُّل الجيش التركي لحفظ أمنه القومي، فبعد 40 سنة من القتال مع حزب العمال الكردستاني، والذي انتهى بالاتفاق على وقف الحزب الكفاح المسلح ضدّ تركيا، وبَدْء تسليم أسلحته، لن تسمح تركيا أن تكون منطقة شمال شرق سوريا خارجة عن السلطة الكاملة للحكومة السورية، وأن تتحوّل بذلك إلى قاعدة تهدد أمنها القومي، يتجمع فيها عناصر الحزب الرافضون للاتفاق، وعناصر قسد، وهناك تأييد دولي يشبه الإجماع على دعم الموقف التركي، ما عدا إسرائيل وإيران.    

أخيراً، ثَمَّة هدف رئيسي تأمل قسد تحقيقه من مؤتمر وحدة موقف المكوِّنات، وهو تحسين موقفها التفاوضي مع الحكومة السورية في تنفيذ اتفاق 10 آذار/ مارس، خصوصاً أنّ المؤتمر اعترف بالالتزام به، ومحاولة تحصيل مكاسب أعلى منه في ظلّ "التشدُّد" الذي تُظهره دمشق في ضرورة تنفيذه وَفْق إطاره الزمني، والذي يستند إلى دعم دولي واسع النطاق لسيادة الدولة السورية، ووحدة أراضيها.