روسيا تدعو إلى إشراك فلول نظام الأسد بالحكم
أغسطس 25, 2025 749

روسيا تدعو إلى إشراك فلول نظام الأسد بالحكم

حجم الخط

دعت روسيا إلى مشاركة فلول نظام الأسد في العملية الانتقالية السياسية الجارية في سوريا، معتبِرةً ذلك مبدأ أساسياً منصوصاً عليه في قرار مجلس الأمن رقم 2254 (2015) وأنّ على الحكومة السورية عدم تهميش العسكريين المحترفين أو استبعادهم. 

جاء ذلك على لسان مندوب روسيا ديمتري بوليانسكي في أول إحاطة له في مجلس الأمن بعد زيارة وفد سوري برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى موسكو في 31 تموز/ يوليو الماضي، وخلال الجلسة الشهرية المخصصة لمناقشة الأوضاع السياسية والإنسانية في سوريا، والتقدم المحرَز في تطبيق القرار 2254 (2015) التي عقدها مجلس الأمن في 21 آب/ أغسطس 2025. 

طالبت روسيا الحكومة السورية الجديدة بعدم تهميش أو استبعاد العسكريين المحترفين الذين وصفتهم بأنّهم خدموا وطنهم بإخلاص إلى كانون الأول/ ديسمبر 2024، في إشارة واضحة إلى فلول نظام الأسد، الذين تعتبر روسيا -فيما يبدو- الانتهاكات والجرائم التي ارتكبوها "خدمة لوطنهم بإخلاص". 

كما أكدت روسيا -عَبْر مندوبها في مجلس الأمن- أنّه "لا ينبغي حرمان أيّ جماعة من حقوقها، بما في ذلك أولئك الذين خدموا البلاد في ظل القيادة السابقة"، ويُقصَد بذلك المنتمون إلى حزب البعث، والأحزاب السياسية الملحَقة به، ورموز النظام السياسية مثل الوزراء والسفراء وأعضاء مجلس الشعب وغيرهم. 

تحدثت روسيا أيضاً عن ضرورة "أن تتيح الانتخابات البرلمانية القادمة الفرصة لجميع الفئات العِرْقية والدينية والاجتماعية للمشاركة في تشكيل الهيئة التشريعية الجديدة"، مما يُشير بوضوح إلى اعتراض روسيا على بعض بنود النظام الانتخابي الجديد لمجلس الشعب مثل: ألّا يكون قد ترشّح للانتخابات الرئاسيّة، ولم يسبق له أن كان عضواً في مجلس الشّعب أو مرشَّحاً له في الفترة ما بعد عام 2011، إلا إذا أثبت انشقاقه، وألّا يكون من داعمي النظام البائد والتنظيمات الإرهابيّة بأي شكل من الأشكال، وألّا يكون من دُعاة الانفصال والتقسيم أو الاستقواء بالخارج.   

حملت إحاطة المبعوث الروسي تحريضاً دولياً ومحلياً ضدّ الحكومة السورية الجديدة، تحت شعار وجود إشارات مُقلِقة قادمة من الأقليات العِرْقية والدينية بزعم أنّها ما تزال تشعر بانعدام الأمن، وتخشى الاضطهاد على أُسُس عِرْقية ودينية، وتتعرض للمضايقة والترهيب، وتُجبر على الفرار جماعياً من مناطق سكنها التاريخية، ووصف أحداث الساحل في مارس بـ "المذبحة ضدّ العلويين"، وأحداث السويداء، والأساليب القسرية المستخدَمة على أرض الواقع للتعامل مع مثل هذه الحالات، وأن روسيا تتطلع إلى نشر التقرير الكامل للجنة التحقيق السورية في الساحل، وأن يتم مناقشة هذه القضية بالتفصيل داخل مجلس الأمن. 

دولياً، تريد روسيا إعاقة جهود الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في رفع عقوبات الأمم المتحدة عن سوريا، والاعتراف الكامل بالحكومة السورية الجديدة، ومحلياً فإن روسيا تريد استعادة نفوذها الذي فقدت جزءاً كبيراً منه بعد سقوط نظام الأسد، عَبْر إعادة حلفائها من الفلول العسكريين والمدنيين إلى الحكم تحت مبدأ الشمولية الذي ينصّ عليه القرار 2254 (2015)، وتسعى روسيا إلى إظهار نفسها بمظهر الحامي للأقليات في سوريا، وقد أشارت الإحاطة إلى العلويين والدروز والأكراد والمسيحيين "الأرثوذكس". 

بالمحصِّلة، يبدو أنه لم تحصل توافُقات جيدة بعد زيارة الوفد السوري إلى موسكو -رغم ترحيب روسيا بها- حيث ما تزال لديها تحفُّظات تجاه الحكومة الجديدة، مع أنّها تجاوزت نوعاً ما دعم روسيا للنظام السابق، ومن الواضح أن العلاقات الثنائية ليست هي "الكلمة الفصل" في الموقف الروسي، وإنما تدخل فيه خلافات المصالح الروسية مع الدول الغربية. لذا يُتوقَّع أن يبقى الموقف الروسي متأرجحاً، وخاضعاً لتوافُقاتها الدولية، وأن تستمر في إرسال إشارات متضاربة دون أن تعطي موقفاً صريحاً في دعم الحكومة السورية الجديدة، ولو توالت الزيارات والاتصالات بين الطرفين.