حوكمة انتخابات مجلس الشعب السوري
أغسطس 31, 2025 250

حوكمة انتخابات مجلس الشعب السوري

حجم الخط

مقدّمة 

حدد الإعلان الدستوري الصادر في 13 آذار/ مارس 2025 [1] ، ممارسة سلطة التشريع بمجلس الشعب، فيما رسمت المادة 24 منه خريطة تشكيل المجلس عبر تسمية رئيس الجمهورية لجنة عُليا تشرف على تشكيل هيئات فرعية تنتخب ثلثَيْ أعضاء مجلس الشعب، ويعين الرئيس الثلث المتبقي لضمان التمثيل العادل والكفاءة. 

كان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أصدر في 2 حزيران/ يونيو 2025 المرسوم رقم 66 [2] ، القاضي بتشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، والمُكوّنة من 11 عضواً، والمُكوّن من 150 عضواً. وجعل المرسوم كل محافظة دائرة انتخابية واحدة، واعتمد تعداد السكان في 14 محافظة كأساس لعدد المقاعد المخصصة لكل منها بالانتخاب، على أن يكون المجلس من فئتين هما المثقفون والأعيان. 

كما حدد الإعلان الدستوري مهام المجلس بـ: اقتراح القوانين وإقرارها، وتعديل أو إلغاء القوانين السابقة، والمصادقة على المعاهدات الدولية، وإقرار الموازنة العامة للدولة، وإقرار العفو العام، وقبول استقالة أحد أعضائه أو رفضها أو رفع الحصانة عنه وفقاً لنظامه الداخلي، وعقد جلسات استماع للوزراء. فيما يتخذ مجلس الشعب قراراته بالأغلبية. 

لم يستوفِ المرسوم 66 كافة احتياجات العملية الانتخابية، وكشفت الدراسات [3] ، والنقاشات التي أجرتها اللجنة مع المجتمعات المحلية ضرورة إصدار نظام انتخابي ينظم العملية الانتخابية في ظل غياب قانون انتخابات، مما دفع السلطة لاتخاذ إجراءات قانونية وإدارية جديدة. 

أولاً: الإجراءات القانونية الجديدة 

أصدر الرئيس أحمد الشرع المرسوم رقم 143 بتاريخ 19 أغسطس 2025 [4] ، الخاص بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري، ليتضمن آلية العمل التي تقوم من خلالها اللجنة العليا للانتخابات بتشكيل لجان فرعية على مستوى المناطق في المحافظات، ولجان طعون، ولجان فرعية تُكلَّف بترشيح أسماء أعضاء الهيئات الناخبة. 

شمل الفصل الأول من النظام الانتخابي التعريفات، وحدد الفصل الثاني عدد الأعضاء للمجلس وتوزيع المقاعد، وأكد الفصل الثالث على صلاحيات اللجنة العليا واستقلالها، وأوضح الفصل الرابع صلاحيات اللجنة القانونية، ورسم الفصل الخامس آلية وشروط وصلاحية اللجان الفرعية، وبيّن الفصل السادس آلية تشكيل وعمل لجان الطعون ومنح قراراتها صفة القطعية والإبرام. وأوضح الفصل السابع أحكاماً إدارية لعمل اللجان، وبيّن الفصل الثامن آلية وشروط اختيار أعضاء الهيئات الناخبة، ورسم الفصل التاسع آلية الترشح للمجلس، وأطّر الفصل العاشر الدعاية الانتخابية، وأوضح الفصل الحادي عشر آلية الانتخاب وقواعده، وبيّن الفصل الثاني عشر كيفية عقد الجلسة الأولى لمجلس الشعب وأداء القسم واختيار مكتب المجلس، وتضمن الفصل الثالث عشر أحكاماً ختامية تتضمن مواد تضاعف عقوبة الجرائم الواقعة على العملية الانتخابية وبمنح الرئيس سلطة ترميم بدل العضو الفاقد للعضوية السماح بدعوة اللجان الدبلوماسية ومكاتب المنظمات إلى المراكز الانتخابية للاطلاع على سير الانتخابات ومنح اللجنة العليا سلطة استثنائية وموسعة لضمان تنفيذ الانتخابات في الدوائر الانتخابية التي تواجه تحديات خاصة واستثنائية.  

نص المرسوم الجديد على أنّ المجموع الكلّي لعدد أعضاء مجلس الشعب هو 210 أعضاء، ويجري انتخاب ثلثَيْ أعضاء مجلس الشعب 140 عضواً، والثلث الثالث 70 عضواً يعينه الرئيس. كما حدد مقاعد المحافظات بحسب التوزع السكاني فيها باعتماد قرار وزير الإدارة المحلية رقم 1378 لعام 2011 كمرجعية إحصائية [5] . على أن تضم المحافظة الواحدة عدة دوائر انتخابية بحيث تشكل كل منطقة إدارية دائرة انتخابية، وقد يكون لها مقعد واحد أو أكثر، ولكل دائرة انتخابية هيئتها الناخبة المشكَّلة. 

حصر المرسوم 143 حق الترشح لعضوية مجلس الشعب في أعضاء الهيئات الناخبة، ويكون عدد أعضاء الهيئة الناخبة في كل دائرة انتخابية هو عدد المقاعد المخصّص لتلك الدائرة مضروباً بالرقم 50، وفي حال عدم توفر هذا العدد من الذين تتوفّر فيهم الشروط المطلوبة، يجب ألا يقل عن 30 عضواً. 

منح المرسوم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب والتي مقرها مدينة دمشق، استقلالية تامة وأن تتولى الإشراف الكامل على الانتخابات، والإشراف على جميع اللجان، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حرية ممارستها وسلامتها ونزاهتها، وحظر على أي شخص أو جهة التدخّل في شؤونها أو الحدّ من صلاحياتها. وإذا شغر مكان أحد أعضاء اللجنة العليا يعين رئيس الجمهورية بديلاً عنه. 

دعم المرسوم اللجنة العليا بلجنة قانونية تابعة لها، تتكوّن من 5 أعضاء حاصلين على شهادات معتمدة في الحقوق، وتقوم بتقديم المشورة القانونية اللازمة للجنة العليا، وصياغة مشاريع اللوائح المتعلقة بالعملية الانتخابية. 

كلف المرسوم اللجنة العليا في كل دائرة انتخابية بأن تشكّل لجنة انتخابات فرعية، وتعيّن رئيساً لها، على أن تتألف من عدد فردي من الأعضاء لا يقل عن ثلاثة. وأشار إلى أن لجنة الانتخابات الفرعية تتولى تنظيم انتخابات مجلس الشعب على مستوى الدائرة الانتخابية، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حرية ممارستها وسلامتها ونزاهتها. وتمارس اللجنة مهامها واختصاصاتها باستقلال تامّ عن أي جهة أخرى وبحيادية وشفافية تامّتين، ولا تُعدّ قرارات اللجنة الفرعية نافذة إلا بإقرارها من اللجنة العليا. 

يشترط المرسوم في عضو لجنة الانتخابات الفرعية أن يكون سوري الجنسية قبل تاريخ 1 مايو/ أيار 2011، وأن يكون قيده في السجل المدني ضمن دائرته الانتخابية، أو أن يكون مقيماً فيها لمدة 5 سنوات متتالية قبل عام 2011، وأن يكون متمتعاً بالأهلية القانونية، وقد أتمّ 25 عاماً بتاريخ صدور المرسوم، وأن يتمتّع بحسن السيرة والسلوك، وألا يكون محكوماً بجناية أو جرم مخلّ بالشرف، باستثناء القضايا ذات الطابع السياسي أو الأمني. وألا يكون قد ترشّح للانتخابات الرئاسية بعد عام 2011، ولم يسبق له أن كان عضواً في مجلس الشعب أو مرشحاً له في الفترة ما بعد عام 2011، إلا إذا أثبت انشقاقه. 

كما يشترط المرسوم ألا يكون المرشّح من داعمي النظام السابق أو من المنتسبين إلى التنظيمات الإرهابية بأي شكل من الأشكال، وألا يكون من دعاة الانفصال أو التقسيم أو الاستقواء بالخارج، وأن يكون ملتزماً بالإعلان الدستوري، وألا يكون منتسباً للقوات المسلحة أو الأجهزة الأمنية، وألا يشغل منصب وزير أو محافظ أو نائب أحدهما أو معاونه. وأن يكون ملتزماً بأحكام الإعلان الدستوري، وحاصلاً على شهادة جامعية معتمدة أو ما يعادلها، وأن يكون مقيماً في الأراضي السورية عند الإعلان عن تشكيل اللجنة الفرعية، وعلى معرفة واسعة بكفاءات وأعيان دائرته الانتخابية، ومعروفاً بحياديته ونزاهته، وألا تكون له عداوة ظاهرة مع أي من مكوّنات دائرته الانتخابية. 

كلف المرسوم اللجنة العليا بأن تتشاور مع الفعاليات المجتمعية والرسمية، لتقوم باختيار أعضاء اللجنة الفرعية على مستوى كل دائرة انتخابية وفق الشروط والإجراءات المقرّرة، على أن يؤدي أعضاء لجنة الانتخابات الفرعية اليمين القانونية أمام اللجنة العليا قبل مباشرتهم مهامهم. وتقوم اللجنة الفرعية بالإشراف على العملية الانتخابية برُمّتها، والتواصل الفعّال مع المجتمعات المحلية والفعاليات المدنيّة لضمان أوسع مشاركة ممكنة في اختيار أعضاء الهيئة الناخبة. وتُقترح اللجنة الفرعية القائمة المبدئية لأعضاء الهيئة الناخبة إلى اللجنة العليا، وتشرف على المراكز الانتخابية والعاملين فيها. 

فوّض المرسوم اللجنة العليا بأن تشكل في كل محافظة لجنة قضائية مستقلة للطعون، تتولى البتّ في الطعون المقدمة من الدوائر الانتخابية في مناطق المحافظة. 

نصّ المرسوم على أن يتفرّغ جميع أعضاء اللجان المنصوص عليها في هذا المرسوم، ومَن تجري الاستعانة بهم من العاملين في الدولة طيلة مدة عملهم في هذه اللجان، مع استمرار صرف أجورهم أو رواتبهم وتعويضاتهم الإجمالية من الجهات التي يعملون لديها. كما نصّ على لزوم توفر الشروط نفسها بالنسبة لعضو الهيئة الناخبة التي وردت بحق أعضاء اللجان الفرعية مع الاكتفاء بشرط حيازة الشهادة الثانوية لمن يترشح عن فئة الأعيان بدل الشهادة الجامعية. وسمح المرسوم بتعيين أعضاء ورئيس اللجنة العليا واللجان كأعضاء بمجلس الشعب ضِمن فئة المعينين. 

ثانياً: أهم التعديلات بالمرسوم الجديد 

رغم أن المرسوم رقم 143 نصّ على إقرار النظام الانتخابي المؤقت، لكنه تضمن تعديلات جوهرية على المرسوم 66 بمضمونه. فرفع عدد أعضاء مجلس الشعب من 150 إلى 210 أعضاء. كما عدل توزيع المقاعد المخصصة للمحافظات من خلال اعتماد قرار وزير الإدارة المحلية رقم 1378 لعام 2011 بمرجعية إحصائية لتعداد السكان بالمناطق [6]

تبنى المرسوم نظام الدوائر الانتخابية الصغيرة على مستوى المنطقة الإدارية أو أكثر، فيما احتفظ لمدن مراكز المحافظات والمدن الكبرى بإبقائها دائرة انتخابية واحدة، وسمح للجنة العليا ببعض الحالات بدمج عدة مناطق إدارية بدائرة انتخابية واحدة كما فعل بدمج منطقتَي السفيرة ودير حافر بدائرة انتخابية واحدة. كما فصّل الشروط الواجب توافرها في أعضاء اللجان وكذلك في أعضاء الهيئات الناخبة والمرشحين، وقدم تعريفاً واضحاً للمصطلحات ولفئتَي الأعيان والكفاءات. كما منح اللجنة العليا صلاحية السماح للبعثات الدبلوماسية ومكاتب المنظمات الدولية والمحلية بزيارة مراكز الانتخابات والاطلاع على العملية الانتخابية. 

ثالثاً: الإجراءات التنظيمية والإدارية 

أصدرت اللجنة العليا سلسلة من التعاميم والقرارات الإدارية التي كان الهدف منها نشر التعليمات التنفيذية للنظام الانتخابي [7] ، فنشرت التعميم الإداري رقم 1 بحيث وزّعت مهام الإشراف على الانتخابات بالمحافظات بين أعضائها لتنظيم العمل. ونشرت التعميم الإداري رقم 2 القاضي باعتماد جدول زمني لآلية عملها فحددت 1 سبتمبر 2025 تاريخ مباشرة اللجان الفرعية لعملها واستقبال الترشيحات لأعضاء الهيئة الناخبة. ونشرت التعميم المتعلق بتسمية لجان الطعون بالمحافظة المكونة من 3 قضاة. والتعميم المتعلق بتسمية المراقبين القانونيين المقترحين من نقابة المحامين. والتعميم المتعلق بإجراءات تقييم الطعون الانتخابية. إضافة لقرارات تحديد الدوائر الانتخابية، وتوزيع مقاعد مجلس الشعب المخصصة بانتخاب 140 عضواً على الدوائر الانتخابية. وقرار تسمية أعضاء اللجان الفرعية في الدوائر الانتخابية. 

بذلك، أصبحت المقاعد المخصصة لمحافظة حلب 32 مقعداً، ولكل من دمشق وريفها وحمص وحماة وإدلب 12 مقعداً، ولدير الزور والحسكة 10 مقاعد، وللاذقية 7 مقاعد، ولكل من درعا والرقة 6 مقاعد، وطرطوس 5 مقاعد، ولكل من القنيطرة والسويداء 3 مقاعد. كما اتخذت اللجنة القانونية قراراً بتأجيل الانتخابات في 3 محافظات هي الحسكة والرقة والسويداء، معللة ذلك بالظروف الخاصة الأمنية التي تمرّ بها تلك المحافظات [8]

رابعاً: التحديات التي تواجه العملية الانتخابية 

فعلياً، تجاوزت السلطات ثغرات كبيرة كانت تواجه العملية الانتخابية بإصدار المرسوم 143، والتعويل في الوقت الراهن لنجاح العملية الانتخابية يكمن في الاستجابة إلى بعض التحديات التي ما تزال قائمة، ومنها ما هو قانوني وأمني وإداري، مثلما هو موضَّح أدناه: 

عدم إجراء انتخابات عامة مباشرة، والاستعاضة عنها بتعيين هيئات ناخبة تقوم بالانتخاب غير المباشر لأعضاء مجلس الشعب. هنا تستطيع اللجنة العليا فتح المجال أمام الطعون لجمهور الشعب على المرشّحين، بالتالي يُشارك المواطنون بشكل عامّ بالعملية الانتخابية عبر استبعاد المرشحين غير المؤهلين. 

إسناد صلاحية اختيار أعضاء الهيئة الناخبة ضمن القائمة الأولية لأعضاء اللجان الفرعية، ثم إقرار اللجنة العليا للقوائم النهائية. بينما كان الإجراء المثالي بفتح المجال أمام الفعاليات المجتمعية والرسمية -المذكورة في المادة رقم 11 من المرسوم 143- لانتخاب أعضاء اللجان الفرعية، بعد تحقق اللجنة العليا من توافر شروط العضوية بهم، لأنّ ذلك يضمن الاستقلالية والنزاهة والشفافية. 

إناطة سدّ ثغرات ضمان التمثيل العادل للمكونات والكفاءة برئيس الجمهورية. هذا يستدعي أن تُصدر الرئاسة إعلاناً خاصاً لمعايير وآليات اختيارها للثلث المعيّن، خاصة أنّ المرسوم 143 لم يلزم الرئيس  بضرورة مراعاة الشروط الواجبة فيه، إضافة للسماح للمواطنين بتقديم الطعون في مواجهة الأعضاء المقترحين للتعين، وتدارُك ذلك يضمن الشفافية والعدالة. 

وجود مناطق خارج السيطرة الكاملة للحكومة دفعت لتأجيل الانتخابات في 3 محافظات هي السويداء والحسكة والرقة، رغم أنّ المرسوم 143 في المادة رقم 151 فوّض اللجنة العليا باتخاذ آليات عمل مرنة ومبتكرة لضمان تنفيذ العملية الانتخابية في المناطق ذات التحديات الاستثنائية والخاصة، بينما لم يُفوّضها بإلغاء أو تأجيل الانتخابات. كان بإمكان اللجنة -وما زال- أن تقوم بنقل الدوائر الانتخابية التي يتعذر إجراء الانتخابات فيها إلى مناطق قريبة وتنفيذ العملية الانتخابية في المناطق التي لا تشهد تحديات خاصة واستثنائية، وهو إجراء تلجأ له بعض الدول التي تواجه تحديات استثنائية في بعض المناطق. 

غياب الرقابة القضائية على العملية الانتخابية والاستعاضة عنها بلجنة طعون قضائية على مستوى المحافظة وقراراتها مبرمة، ولجنة قانونية معينة من قِبل اللجنة العليا مع تعيين مراقب قانوني من نقابة المحامين، خاصةً بعد تعليق عمل المحكمة الدستورية العليا التي كانت تنظر بدعوى نتائج الانتخابات وطعونها بالسابق. هذا الإجراء لا يتوافق مع القانون السوري الذي يتبنى نظام التقاضي على درجتين لضمان تطبيق القانون بشكل عادل. هنا يُمكن أن يُصدر الرئيس مرسوماً لتعيين لجنة قضائية مركزية للبتّ بالطعون الانتخابية، لتكون هي صاحبة الصلاحية بإبرام أحكام وقرارات لجنة الطعون المحلّية. 

السماح بتعيين رئيس اللجنة العليا وأعضاء اللجان ضمن أعضاء مجلس الشعب ضمن الثلث المعيّن من الرئيس، مثلما ألمحت المادة رقم 39 من المرسوم 143، وهذا قد يشكل تضارُباً للمصالح خلال عمل اللجان. بينما كان يُمكن مراعاة لنزاهة العملية الانتخابية واستقلال اللجان إما حظر عضوية المجلس على أعضاء اللجان كافة أو اختيار آلية تعيين تضمن الرقابة الشعبية الممارسة من قِبل الفعاليات المجتمعية والرسمية. 

غياب نظام تفاضل وتثقيل ومعايير واضحة وشفافة لعمل اللجان الفرعية عملية الاختيار بين المتقدمين لعضوية الهيئات الناخبة، بينما كان يُمكن وضع آلية عبر إجراء مقابلات مباشرة وتقييم للمتقدمين المحققين للشروط العامة، إضافة لتبني نماذج تثقيل وتفاضل معيارية مستندة إلى قواعد علمية واضحة ومعلنة، لأنّ ذلك يُعزّز الشفافية والنزاهة. 

خُلاصة 

تُظهر السلطة السورية تجاوُباً واضحاً لدعوات إصلاح وحوكمة العملية الانتخابية، في تأكيد على رغبتها لتكوين سلطة تشريعية مستقلة ومحقِّقة لشروط الشرعية، ووضعت نظاماً انتخابيّاً معلناً وواضحاً، ومنحت اللجنة العليا واللجان الفرعية لانتخابات مجلس الشعب الاستقلال التامّ، وحظرت على كافة الجهات التدخل بعملها، وطالبتها بإجراءات نزيهة وحيادية وشفافة. 

سيكون لحوكمة عمل اللجنة وشفافية الإجراءات العملية أثر بالغ الأهمية في مصداقية ونزاهة العملية الانتخابية، خاصة خلال عملية الاختيار والتفاضل بين المتقدمين لعضوية الهيئات الناخبة من قِبل اللجان الفرعية لإدراجهم بالقوائم الأولية، وجعل وصاية اللجنة العليا وصاية رقابية توجيهية لا تسلطية تقريرية، مما سينعكس إيجاباً على الاعتراف بشرعية السلطة التشريعية المتولدة عن الانتخابات في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد خلال المرحلة الانتقالية. 

أخيراً، تُمثّل انتخابات مجلس الشعب اختباراً حقيقيّاً للسلطة وللجمهور، في الكشف عن قدرة الطرفين على تحمُّل مسؤوليته الوطنية وتقديم نموذج حضاري يمكن الاعتماد عليه في بناء سوريا الجديدة بعد ثورة الحرية والكرامة. وبتشكيل السلطة التشريعية، تكون السلطة الجديدة قد اتخذت الخُطوة الأخيرة في ترسيخ المؤسسات الرسمية التي ستقود المرحلة الانتقالية في سوريا للوصول إلى صياغة دستور جديد للبلاد وإقراره، تنبثق عنه انتخابات تُنتج السلطة التشريعية والتنفيذية وتنظم السلطة القضائية، بعدما رسمت دمشق خارطة طريق للانتقال السياسي تستمر 5 سنوات منذ إقامة مؤتمر النصر في 29 كانون الثاني / يناير 2025. 

 


 

[1] الإعلان الدستوري للجمهورية العربية السورية، وكالة سانا. 13-03-2025،   الرابط

[2] المرسوم 66، وكالة سانا. 13-06-2025،   الرابط

[3] تحديات أمام عملية انتخاب مجلس الشعب، مركز جسور للدراسات، 17-06-2025،   الرابط

[4] المرسوم 143- وكالة سانا.   الرابط

[5] قرار وزارة الإدارة المحلية رقم 1378، 27-11-2011،   الرابط

[6] أطلس المحافظات والمناطق الصادر عام 2012، وزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة،   الرابط

[7] الموقع الرسمي للهيئة العليا لانتخابات مجلس الشعب.   الرابط

[8] لماذا أجّلت السلطات السورية انتخابات مجلس الشعب في الحسكة والرقة والسويداء؟ مركز جسور للدراسات، 28-08-2025،   الرابط


 

الباحثون