لماذا ترفض قسد تسليم حقول النفط والغاز للحكومة السورية؟
سبتمبر 07, 2025 325

لماذا ترفض قسد تسليم حقول النفط والغاز للحكومة السورية؟

حجم الخط

استخرجت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عام 2017 أكثر من 55 مليون برميل من النفط بشكل غير قانوني، أي ما يُعادل 3 مليارات و850 مليون دولار أمريكي، وذلك من بلوك 26 وحده، فيما يُمكن أن يرتفع الإنتاج في جميع أنحاء سوريا من المعدل الحالي البالغ 80 ألف برميل يومياً إلى ما يصل إلى نصف مليون برميل.

جاء ذلك حسب تصريح لمدير شركة Gulf-Sands Petroleum البريطانية "جون بيل"، والأرقام التي أوردها هي عن منطقة واحدة في شمال شرق سوريا، بمعنى أن أرقام قطاع النفط والغاز الكلية التي استخرجتها وسرقتها قسد، يبدو أنها تتفق مع رسائل سابقة كان نظام الأسد قد أرسلها إلى الأمين العامّ للأمم المتحدة، وإلى رئيس مجلس الأمن خلال أعوام سيطرة قسد على حقول نفط شمال شرق سوريا بمساعدة الولايات المتحدة، والتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب.

تُشير آخِر رسالة لنظام الأسد في 10 أيلول/ سبتمبر 2023 والمُودَعة في الجمعية العامة للأمم المتحدة كوثيقة رسمية برقم (A/87/353-S/2023/660) إلى أنّ قيمة الأضرار التي لحقت بقطاع النفط والثروة المعدنية في سوريا بلغت 115.2 مليار دولار أمريكي ما بين عام 2011 إلى النصف الأول من عام 2023 منها خسائر مباشرة تُقدَّر قيمتها بحوالَيْ 27.5 مليار دولار، ناجمة عن سرقة 341 مليون برميل نفط، بمعدل بين 100 و130 ألف برميل يومياً، وارتفعت معدلاته إلى 150 ألف برميل يومياً عام 2023، إضافة إلى 5909 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي، و413 ألف طن من الغاز المنزلي، وتبلغ القيمة الإجمالية لها 21.4 مليار دولار، كما قدّرت رسائل النظام خسائر غير مباشرة تبلغ قيمتها 87.7 مليار دولار، تمثل قيمة فوات المنفعة من النفط الخام، والغاز الطبيعي، والغاز المنزلي، نتيجة انخفاض الإنتاج عن المعدَّلات المخطَّطة عند ظروف العمل الطبيعي.

هذه الأرقام تُبيّن أن قسد لا تعتمد بالكلية على المساعدات الأمريكية لها، والتي تقلصت إلى 130 مليون دولار فقط عام 2025، إنما تموّل نفسها والميليشيات التابعة لها من النهب المنظَّم للنفط والغاز، ولذا فإنها ترفض التخلّي عنها، وتتمسك في مفاوضاتها مع الحكومة السورية بمحاولة استمرار فرض حكمها الذاتي على مناطق شمال شرق سوريا تحت غطاء "اللامركزية"، وبالتالي استمرار سيطرتها ونهبها للثروات السورية.

في مقابل ضعف موارد الحكومة السورية فإن استمرار الوضع الحالي يجعل قسد الطرف الأقوى اقتصادياً وعسكرياً، والقادر على شراء السلاح، وعلى تمويل الميليشيات المعارضة للحكومة في السويداء وفي الساحل، ويتيح لها ذلك أيضاً تصدير النفط وتهريبه خارج البلاد، كما كان عليه الأمر في إقليم كردستان العراق، دون الرجوع إلى الحكومة المركزية، ودون الرقابة الفعلية على هذا القطاع.

يُقدَّر الاحتياطي النفطي الذي تمتلكه سوريا بحوالَيْ 2.5 مليار برميل، ويُقدَّر الاحتياطي من الغاز الطبيعي بحوالَيْ 240 مليار متر مكعّب، ويُعَدّ قطاع النفط والغاز من أول الروافع الوطنية للاقتصاد السوري وأهمها في هذه المرحلة، حيث تُقدَّر عوائده المتوقَّعة بحوالَيْ 10 مليارات دولار سنوياً، إضافة إلى دوره المهم في توليد الكهرباء، وبالتالي تسريع تشغيل عجلة الإنتاج والاقتصاد السوري.

بالمحصِّلة، ليس بِيَد الشعب السوري من قطاع النفط والغاز سوى ما يقارب نسبة 10%، فيما هو محروم من عوائده ومن فرص العمل فيه بسبب سيطرة قسد على معظم حقول النفط والغاز. لذا يُتوقَّع أن تضع الحكومة السورية استعادة هذه الثروة في رأس مفاوضاتها مع قسد، وأن تعمل على مساءلتها عن الأموال المنهوبة، وكذلك السعي لاستعادتها، والانتفاع بها في إصلاح الاقتصاد السوري، وفي مشاريع إعادة الإعمار.

 

خريطة قطاع النفط والغاز في سوريا