تبايُن التعاطي الدولي بين أحداث الساحل والسويداء
يوليو 16, 2025 2813

تبايُن التعاطي الدولي بين أحداث الساحل والسويداء

حجم الخط

المجريات    

يتجه الوضع في السويداء نحو الهدوء بعد أيام من التوتر والتصعيد الخطير، وفي غضون ذلك كان واضحاً أنّ التعاطي الدولي معها تباين مع تعاطيه مع أحداث الساحل، فلا توجد بيانات رسمية بحجم بيانات أحداث الساحل، ولا تُوجد دعوة لعقد جلسة في مجلس الأمن حولها.   

عندما وقعت أحداث الساحل في 6 مارس 2025 سارعت العديد من الدول لإصدار بيانات حولها، من ذلك بيانات روسيا وإسرائيل في 7 مارس، وبيانات الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وألمانيا، وبريطانيا في 9 مارس، وتباينت مواقف هذه الدول من الأحداث بين مَن حمّل جميع الأطراف السورية المسؤولية، وبين مَن أدان الحكومة السورية مثل بيان وزير الدفاع الإسرائيلي الذي تضمن أن "قوات الجولاني تقوم بمذابح ضدّ العلويين في سوريا" وبيان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الذي قال إن الولايات المتحدة "تدين قيام إرهابيين إسلاميين متطرفين، وبما فيهم جهاديون أجانب، بعمليات قتل غرب سوريا" وأن بلاده "تقف إلى جانب الأقليات الدينية والعِرْقية في سوريا، بما في ذلك المجتمعات المسيحية والدرزية والعلوية والكردية.    

تبع هذه البيانات دعوة روسية أمريكية مشتركة انضمت إليها دول أوروبية لعقد مشاورات مغلقة في مجلس الأمن، والاستماع إلى إحاطة من المبعوث الخاص غير بيدرسون في 10 مارس، وصدر عن الجلسة بيان رئاسي لمجلس الأمن في 14 مارس أدان أحداث الساحل دون توجيه التهمة، أو تحميل المسؤولية لطرف دون طرف آخر.   

ثمة أسباب عديدة تدعو إلى اختلاف التعاطي الدولي بين أحداث الساحل والسويداء، وهو ما قد يَظهر بشكل أوضح فيما لو استمر توجُّه الأحداث نحو الهدوء بعد بيان القيادة الروحية، ومن هذه الأسباب:   

الشرعية التي حققتها الحكومة السورية، والاعتراف الدولي الواسع بها، مقارنة بالوضع الذي كان سائداً في مارس الماضي، حيث استعادت الدولة العديد من العلاقات الدبلوماسية التي كانت مقطوعة مع النظام السابق، وتم رفع معظم العقوبات الدولية عنها، كما استعادت عضويتها في بعض المنظومات الدولية العامة مثل الاتحاد من أجل المتوسط.   

بِنْية الحكومة السورية الجديدة التي تشكلت بعد أحداث الساحل، من حكومة يغلب عليها طابع اللون الواحد، وأعضاء يرتبط معظمهم بهيئة تحرير الشام، إلى حكومة تمثيلية تضم عدداً من الوزراء من المكوِّنات السورية.   

إعادة هيكلة الدولة السورية وخصوصاً وزارتَي الدفاع والداخلية، وصدور الإعلان الدستوري الذي وضع الغطاء القانوني للقرارات التي تصدر عن الحكومة.   

تحمُّل الحكومة السورية بكامل مؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية المسؤولية الكاملة عن الإجراءات المتخذة لإعادة الأمن، وضبط الأوضاع في السويداء، وعدم السماح بمشاركة أي مجموعات مسلحة غير منتسبة للقوات الحكومية، أو مقاتلين أجانب في هذه العملية، وهي واحدة من التهم التي وُجِّهت للحكومة في أحداث الساحل، وكان للانضباط الكامل من القوات الحكومية بتوجيهات وزارتَي الدفاع والداخلية أثر كبير في عدم وقوع تجاوُزات.   

عدم التعرض للمدنيين وللممتلكات المدنية، وعدم وجود أعمال انتقامية على أساس طائفي، وهي أيضاً واحدة من التهم التي وُجِّهت في أحداث الساحل، حيث استهدفت القوات الحكومية الفصائل المسلحة "الخارجة عن القانون".   

التغطية الإعلامية الدولية التي رافقت دخول القوات الحكومية، والتي نقلت بصورة مباشرة العمليات العسكرية، مما قطع الطريق على أي اتهامات بوجود انتهاكات ضدّ المدنيين.   

عموماً، ثمّة ما يفصل بين أحداث الساحل والسويداء، فرغم وجود مطالبات متشابهة في التدخل الدولي هناك اختلاف كبير بين دوافع طلب الحماية الدولية، حيث طلب ذلك فلول النظام الذين تجمعوا في الساحل خشية خضوعهم للمساءَلة والمحاسبة على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوري طيلة 14 عاماً، فيما مطالبات السويداء تتمحور حول نوع من إدارة مدنية ذاتية تابعة للدولة السورية، فالسويداء محافظة عارضت النظام، ورفضت إرسال أبنائها للخدمة في جيشه، ولا تؤوي شخصيات متهمة بارتكاب انتهاكات وجرائم حرب، فيما يغلب على طبيعة العناصر في السويداء أنهم من مصنِّعي ومهرِّبي الكبتاجون، ومرتكبي جرائم سلب ونهب وخطف طالت حتى أهالي السويداء، إضافة إلى التحرك السريع من القيادة الروحية ووُجَهاء السويداء لإصدار بيان ترحيب بدخول قوات وزارتَي الداخلية والدفاع، ودعوة الفصائل للتعاون مع وزارتَي الداخلية والدفاع، وعدم المقاومة وتسليم سلاحها، والحوار مع الحكومة، وتفعيل مؤسسات الدولة في السويداء بالتعاون مع أبنائها.