لماذا تعترض روسيا على عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا؟
Sep 14, 2025 241

لماذا تعترض روسيا على عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا؟

Font Size

تستمر روسيا في إظهار مواقف متشددة ضدّ عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفِرَق التحقيق التابعة لها، وذلك خلال جلسات مجلس الأمن المخصصة لتطبيق القرار 2118 (2013) المتعلق بالقضاء على برنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا. جاء ذلك بعدما سمحت الحكومة السورية الجديدة مع سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024 للمنظمة بالعمل على الأراضي السورية، ونشر فِرَق التحقيق التابعة لها، حيث تم منذ ذلك الوقت إجراء 4 زيارات تفتيش لهذه الفِرَق.

كانت روسيا في عهد نظام الأسد تُبرّر موقفها باتهام المنظمة بتَسْيِيس عملها، واستخدام ملفّ الكيماويّ للضغط على النظام لتقديم تنازُلات في مفاوضات جنيف حول الحلّ السياسي وَفْق القرار 2254 (2015)، وتقديم تنازُلات في دخول المساعدات الإنسانية عَبْر الحدود، وفي تعديل سلوكه في قضايا انتهاك حقوق الإنسان، وإنتاج المخدرات وتصديرها، ومكافحة الإرهاب.

بعد سقوط نظام الأسد دأبت روسيا على التشكيك بالتقارير الشهرية الصادرة عن المنظمة، وبالنتائج التي تتوصل إليها فِرَق التحقيق، واعترضت على نشر بعثة تحقيق أممية دائمة في سوريا، وتبرر موقفها بإمكانية تزوير الأدلة، وتوجيه اتهامات ملفقة للنظام السابق لتصفية الحسابات معه، وأنه في ظلّ الوضع السياسي الحالي في سوريا، فإن ملفّ الكيماوي ليس أولوية للحكومة الجديدة.

ترى روسيا أنّه في ظلّ الظروف الراهنة لا يمكن الحديث عن الجمع السليم للعينات الجديدة ولا عن سلسلة الاحتضان لها؛ حيث تواجه سوريا مجموعة كاملة من المشاكل الوُجُودِيّة، وتكافح من أجل الحفاظ على سيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها، وتشكيل أجهزة الدولة، والتحضير للانتخابات العامة وإجرائها، واستعادة احتكار الدولة لاستخدام القوة، والتصدي للتهديدات الصادرة عن الجماعات الإرهابية، وإعادة بناء اقتصادها، وأن الاستقرار ما زال بعيداً، والحالة ما تزال شديدة التقلُّب، وأن البلد يعاني من الاشتباكات العِرْقية والطائفية، و"السلطات الانتقالية" ليس لها أيّ سيطرة على الإطلاق على جزء من الأراضي السورية.

تعتبر روسيا أنّ أيّ اتهامات جديدة من المنظمة الأممية ستؤدي إلى استفزازات "جنونية" تؤثر على المصالحة الوطنية، وبذلك فإن روسيا تكرر دعوة أعضاء مجلس الأمن إلى الأخذ بالاعتبار لخصوصيات الوضع السياسي الداخلي في سوريا قبل اتخاذ أي قرار بشأن التعامل مع الملفّ الكيميائي السوري، وأن على المجلس بجميع أعضائه فهم ذلك وعدم المُضِيّ قُدُماً في هذا الموضوع.

يستند اعتراض روسيا على عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في حقيقته غالباً إلى خشيتها من انكشاف وجود دور روسي في بناء برنامج الأسلحة الكيميائية لنظام الأسد، وآخِرها اكتشاف آثار لغاز الأعصاب في أحد المواقع غير المعلَن عنها سابقاً، وانكشاف وجود دور روسي في استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية في قصف الشعب السوري مرات عديدة، مما أدى إلى اتخاذ مجلس الأمن القرار 2118 القاضي بتدمير هذا البرنامج، إضافة إلى أن اعتراض روسيا على تحديد الهُوِيَّة والمسؤولية للجهات والشخصيات التي استخدمت هذه الأسلحة، قد يُظهر بعضَ الشخصيات التي لجأت إلى روسيا بعد سقوط النظام، ويُسبِّب ضغطاً على روسيا في تسليمهم كمطلوبين للمحاكم الدولية.

بالمحصِّلة، يمكن فصل موقف روسيا في ملفّ الأسلحة الكيميائية عن أيّ تحسُّن يجري الحديث عنه في العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة، لا سيما بعد الزيارات المتبادَلة بين الطرفين، حيث قد يكون موقف موسكو متعلِّقاً بالتَّبِعات التي يمكن أن تطال روسيا بسبب دورها في برنامج الأسلحة الكيميائية، وبسعيها إلى عدم تكريس السياسات الأمريكية والغربية في إنشاء لجان تحقيق، وتفويضها بصلاحيات ومهام دون الاتفاق الكامل عليها في مجلس الأمن.